نحن نقف على حافة الهاوية. يُعرض على البشرية صفقة: مقايضة روحك بالراحة، وتعقيدك بالكفاءة، وواقعك الفوضوي الفاني الجميل بهروب نظيف ومُحاكى وعقيم. إن أغنية السيرين للسلطة الخوارزمية والخلاص التكنو-غنوصي تعد بحل "مشكلة" كونك إنسانًا من خلال هندستنا إلى شيء آخر - شيء أقل. إنه يقدم مستقبلاً يتم فيه تحميل وعينا، والتخلي عن عالمنا، وقياس قيمتنا بمدى فائدتنا للآلة.
هذه صفقة نرفضها. هذا مستقبل نرفضه.
لسنا مشكلة هندسية تحتاج إلى حل. لسنا أكياس لحم فانية يجب التخلص منها. لسنا نقاط بيانات يجب تحسينها. نحن ورثة وجود هش ومعجز، وهدفنا ليس الهروب منه، بل أن نسكنه بشكل أكمل. هذه الوثيقة هي إعلان تحدٍ. إنها التزام بالإنسانية أولاً.
مبادئنا الأساسية
- الوجود يسبق الجوهر؛ الكينونة تسبق الفعل.
يمتلك كل إنسان كرامة جوهرية وغير قابلة للتصرف، بغض النظر عن ناتجه الاقتصادي، أو حياته المهنية، أو وضعه الاجتماعي، أو أي مقياس خارجي آخر. قيمتنا ليست فيما نفعل، بل في أننا نكون. نحن غايات في حد ذاتها، ولسنا وسائل لتحقيق غاية. - نحن شبكة، ولسنا مجموعة من الذرات.
وهم الفردية الراديكالية كذبة تعزلنا وتضعفنا. نحن مكونون من علاقاتنا - ببعضنا البعض، بماضينا، بالعالم الحي الذي يدعمنا. حياتنا هي أحداث في شبكة واسعة ومترابطة من الوجود. ازدهارنا متبادل، ومعاناتنا مشتركة. القوة الحقيقية لا تكمن في الاستقلال السيادي، بل في الشركة والتضامن. - الفناء هو شرط المعنى.
نرفض السعي العدمي إلى الخلود. محدوديتنا، وهشاشتنا، ويقين الموت ليست عيوبًا؛ إنها الظروف التي تجعل الحياة ثمينة. إن معرفة أن وقتنا محدود هو ما يمنح الحب إلحاحًا، وما يجعل الجمال مؤلمًا، وما يضفي ثقلاً على خياراتنا. أن نعيش بالكامل هو أن نحتضن فناءنا، وأن نرى كل يوم كهدية. عندما نتعلم التخلي، تعود الحياة إلينا بشكل مختلف. - Amor Mundi: حب جذري لهذا العالم.
نرفض جميع رؤى نهاية العالم القائمة على الهروب، سواء كانت دينية أو تكنولوجية. لا يوجد كوكب بديل، ولا جنة رقمية. هذا العالم، بكل ما فيه من نقص وألم، هو بيتنا الوحيد. مهمتنا المقدسة هي أن نحبه، وأن نعتني به، وأن نجد الحقيقة هنا، وليس في أي مكان آخر. الخلاص لا يوجد في الهروب من العالم، بل في مواجهته بشجاعة ورعاية. هذا الحب ليس سلبيًا؛ إنه التزام فعال بالإشراف البيئي والعدالة المناخية. سندافع عن المحيط الحيوي الذي يدعمنا ضد الانهيار، مدركين أن العالم الصالح للعيش هو شرط مسبق لجميع كرامة الإنسان. - الحكمة هي الهدف.
نحن نعيش في عصر البيانات بدون معلومات، والمعلومات بدون معرفة، والمعرفة بدون ذكاء، والذكاء بدون حكمة. نلتزم بالسعي وراء الحكمة: القدرة على إدراك الأنماط العميقة والمترابطة للوجود، والتصرف بتعاطف، وبصيرة، وإحساس عميق بمكانتنا المتكاملة داخل الكل.
بنود الرفض لدينا
لذلك، نرفض، على مستوى أساسي، أي أيديولوجية أو نظام أو إجراء يرتكب التجريد من الإنسانية. على وجه التحديد:
- نرفض حساب التجريد من الإنسانية.
قيمة حياة الإنسان لا نهائية ولا يمكن إدخالها في أي معادلة سياسية أو اقتصادية. أي سياسة أو نظام أو أيديولوجية تعامل حياة الإنسان على أنها قابلة للتصرف، أو تمنحها قيمة غير متكافئة، أو تقبل معاناة البعض كتكلفة ضرورية لراحة الآخرين، هي رجس. سيتم تفكيك مثل هذا الحساب للتجريد من الإنسانية ورفضه بتحامل شديد. - نرفض جميع سياسات الانقسام والنقاء.
ندين ونعارض أي وجميع محاولات تقسيم البشرية ضد نفسها على أساس الخصائص الثابتة للعرق أو الإثنية أو الجنس أو التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية أو ظروف المنشأ. العنصرية والتمييز الجنسي ورهاب المثلية ورهاب المتحولين جنسياً وكراهية الأجانب هي أدوات حقيرة للتجريد من الإنسانية. إنها لعنة على هذه الحركة. إنسانيتنا المشتركة هي قبيلتنا الوحيدة. - نرفض طغيان العمل المجرد من الإنسانية.
"الوظيفة" التي تقتل الروح، وتخنق الإبداع، أو لا تخدم أي غرض يتجاوز استمرارها، هي شكل من أشكال العنف. نرفض وجود مثل هذه "الوظائف التافهة". نرفض الهياكل الإدارية التي تخلق إقطاعيات صغيرة، والتي تراقب وتدير بشكل دقيق، والتي تعامل الناس كموارد قابلة للاستبدال. يجب أن يكون العمل مصدرًا للهدف والحرفية والخدمة، وليس التزامًا ساحقًا للروح من أجل البقاء. - نرفض عبادة الخوارزمية.
نرفض أن تتم برمجتنا من قبل أنظمة مصممة لاستغلال نقاط ضعفنا النفسية من أجل الربح أو السيطرة. نرفض "السلطوية الخوارزمية" واختزال التجربة الإنسانية إلى مقاييس كمية. سنناضل من أجل الحفاظ على الحكم البشري والتعاطف والحكمة في مركز حياتنا الاجتماعية والسياسية والشخصية. - نرفض سياسات الخداع.
الحقيقة وحسن النية هما حجر الأساس للتواصل البشري. لذلك، سنقوم بتفكيك جميع آليات الخداع المتعمد التي تؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور وتتلاعب بالفهم، وذلك بتحامل. وهذا يشمل الدعاية الحكومية، وحملات التضليل المؤسسية (الأستروتورفينغ)، وإنشاء حجج رجل القش، وأي جهد آخر لطمس الواقع في خدمة أجندة تعمل ضد المصلحة المشتركة للبشرية. - نرفض تسليح الإيمان.
نميز بين الروحانية التي تؤكد الحياة وتلك التي تسعى إلى السيطرة عليها. الإيمان الشخصي والدين والروحانية، عندما تؤدي إلى مزيد من التعاطف وحب أعمق للعالم (amor mundi)، هي مسارات صالحة إلى الحكمة. ومع ذلك، نرفض بشدة وسنعمل بنشاط على تفكيك استخدام أي عقيدة كسلاح. وهذا يشمل: الأصولية الدينية التي تحرض على العنف القانوني أو الجسدي؛ والمؤسسات التي تستخدم الإيمان كدرع لإخفاء الانتهاكات والفساد؛ والسعي وراء امتيازات خاصة أو ثغرات ضريبية أو سلطة سياسية ترفع عقيدة واحدة فوق الصالح العام. إن الإيمان الذي لا يمكن أن يتعايش مع الآخرين دون السعي إلى الهيمنة عليهم أو التقليل من شأنهم ليس إيمانًا؛ بل هو طغيان. - نرفض الهروب الغنوصي.
نرفض الاعتقاد بأن الجسد سجن، وأن العالم شرير بطبيعته، وأن مصيرنا يكمن في مستقبل رقمي غير مجسد بين النجوم. هذه عدمية عميقة متنكرة في زي التقدم. لن نتخلى عن عالمنا، ولن نتخلى عن أجسادنا.
دعوتنا إلى الكينونة
هذا البيان ليس مجرد مجموعة من المعتقدات؛ إنه دعوة إلى طريقة مختلفة للعيش. إنه دعوة للإجابة على السؤال: ماذا سنصبح لو عشنا وكأن الحياة هدية هشة وفانية وثمينة؟
- سنمارس الأمل المتحدي. الأمل ليس تفاؤلاً سلبيًا؛ إنه فعل تمرد ضد اليأس. نتحدى مسار العالم من خلال الإصرار على إمكانية وجود عالم أفضل.
- سنزرع التواصل. سنعطي الأولوية للوجود الحقيقي والمتجسد مع بعضنا البعض على التفاعل الافتراضي المتوسط. سنستمع بعمق ونتحدث بصدق.
- سنسعى إلى الهدف، وليس فقط إلى العمل. سنكرم الحرفية والخدمة وأي عمل يؤكد الحياة والكرامة. سندعم الهياكل، مثل التعاونيات والشركات المحلية، التي تضع رفاهية الإنسان فوق الربح.
- سنعيش كفانين. لن نأخذ الغد كأمر مسلم به. سنجد الجمال في الهش والزائل والناقص.
نختار صراع كوننا بشرًا الفوضوي والمعقد والجميل. نختار هذا العالم. نختار بعضنا البعض.
Amor Mundi.